هل يجوز الأكل بعد أذان الفجر في رمضان

قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}، وفي الآية الكريمة دليلٌ واضحٌ على حرمة الأكل بعد طلوع الفجر الصادق، إذًا فالعبرة في حرمة الأكل هو طلوع الفجر، وليس أذان المؤذن؛ إذ أنَّ الأذان ليس إلَّا علاماتٍ يُستدلُّ بها على طلوع الفجر، وبناءً على ذلك إذا تيقن المسلم أنَّ المؤذن يؤذن الأذان الثاني في وقت طلوع الفجر من غير تقديمٍ ولا تأخير، فإنَّه يحرم عليه الأكل بعد الأذان الثاني أو خلاله، أمَّا إن كان متيقناً من أنَّ المؤذن يؤذن قبل طلوع الفجر الصادق، فأكل فلا يبطل صيامه، لكن الأولى والأفضل في هذه الحالة أن يُمسك عن المفطرات تحوطًا لعبادته ولئلا يقع في المحظور، خاصة وأنَّ الغالب في الدول هو موافقة الأذان الثاني لطلوع الفجر الصادق.

هل يجوز الأكل بعد أذان الفجر الأول في رمضان

من المعلوم أنَّ الأذان الأول ليس إلَّا تنبيهًا للمسلم على قرب طلوع الفجر، وبناءً على ذلك فإنَّه يجوز للمسلم الأكل أثناء الأذان الأول، أو بعده ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ بلَالًا يُؤَذِّنُ بلَيْلٍ، فَكُلُوا واشْرَبُوا حتَّى يُنَادِيَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، ثُمَّ قالَ: وكانَ رَجُلًا أعْمَى، لا يُنَادِي حتَّى يُقالَ له: أصْبَحْتَ”.

حكم الأكل بعد أذان الفجر الثاني متعمدًا

بعد الإجابة على سؤال هل يجوز الأكل بعد أذان الفجر في شهر رمضان، سيتمُّ بيان حكم الأكل بعد طلوع الفجر متعمدًا، حيث يحرم على الصائم الأكل بعد طلوع الفجر الصادق، وبناءً على ذلك فإنَّ من أقدم على هذا الفعل في نهار رمضان، فقد بطل صومه، ويلزمه قضاء الصيام بعد انتهاء رمضان، وهذا متفقٌ عليه بين الفقهاء، لكن الخلاف وقع بينهم فيما إن كان يلزمه الكفارة أم لا، حيث اختلف الأئمة الأربعة في ذلك على قولين، وفيما يأتي بيانها:

القول الأول: وجوب الكفارة في حقِّ من شرب الماء متعمدًا بعد طلوع الفجر الصادق، وهذا مذهب الأحناف والمالكية، وقد اشترط الأحناف أن يكون الصائم قد شرب أو أكل عن طريق الفم ما يُقصد به التغذي أو التداوي؛ إذ بذلك تحصل قضاء شهوة البطن، بينما اشترط المالكية ذلك أن يشرب المسلم، أو يأكل متعمدًا مختارًا عن طريق فمه في نهار رمضان الحاضر، وأن يكون عالمًا بحرمة ما فعل غير جاهلٍ به.
القول الثاني: عدم وجوب الكفارة والفدية في حقِّ من شرب الماء متعمدًا بعد طلوع الفجر الصادق، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، ودليلهم أنَّ الكفارة والفدية لا تجبان إلا بما نصّ عليه الشرع، وقد ورد في الإسلام وجوبهما في الجماع، وإنَّ شرب الماء ليس في معنى الجماع، كما أنَّ الجماع أغلظ من شرب الماء والحاجة إلى الزجر عنه أمس، وبهذا الرأي أخذ الشافعية والحنابلة.

حكم الأكل بعد أذان الفجر الثاني ناسيًا

اختلف الأئمة الأربعة في حكم من أكل بعد طلوع الفجر الصادق ناسيًا إلى قولين، فذهب الجمهور إلى صحة صيامه مع عدم إلزامه بالقضاء ودليلهم في ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من نسِيَ وهو صائمٌ، فأكل أو شرب، فلْيُتِمَّ صومَه، فإنما أطعمه اللهُ و سقاه”، وخالف المالكية في ذلك حيث ذهبوا إلى بطلان صيام من أكل أو شرب ناسيًا، والرَّاجح هو قول جمهور أهل العلم بعدم بطلان صيامه.

حكم الأكل بعد أذا الفجر الثاني مخطئًا

إنَّ الأكل بعد أذان الفجر الثاني يبطل الصيام إن كان الصائم مخطئًا في تقدير الوقت، ويلزمه في هذه الحالة الإمساك بقية اليوم لحرمة الشهر الفضيل، بالإضافة إلى قضاء هذا اليوم بعد انتهاء رمضان، وهذا قول جمهور أهل العلم،إلَّا أنَّ ابن عثيمين خالفهم في ذلك، وأفتى بصحة صيام من أكل بعد الفجر ظانًّا عدم طلوعه، مع عدم إلزامه بالقضاء.

كفارة الأكل بعد أذان الفجر الثاني عند القائلين بها

بٌعد أن قدمنا إجابة هل يجوز الأكل بعد أذان الفجر في رمضان، سيتمُّ بيان كفارة الإفطار لمن أكل متعمدًا بعد الفجر عند القائلين بوجوبها في حقَّه، وهي عبارة عن عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يقدر على ذلك فليصم شهرين متتابعين، فإن عجز عن ذلك فليطعم ستين مسكينًا، وهذا الكفارة على الترتيب لا التخيير، أي لا ينتقل المسلم من خطوة إلى التي تليها إلا أن عجز عن السابقة.