هل يجوز للحاج صيام يوم عرفة

تباينت آراء أهل العلم في حكم صيام يومِ عرفة للحاجِّ، وفيما يأتي ذكر هذه الأقوال بشيءٍ من التفصيل:

رأي الجمهور

ذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة إلى عدمِ استحباب صيامِ يومِ عرفةَ للحاجّ، وقد استدلَّ أصحاب هذا القولِ بعددٍ من الأدلة الشرعية، وفيما يأتي ذكرها:

ما رُوي عن ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها- حيث قالت: (أنَّ النَّاسَ شَكُّوا في صِيَامِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ عَرَفَةَ، فأرْسَلَتْ إلَيْهِ بحِلَابٍ وهو واقِفٌ في المَوْقِفِ، فَشَرِبَ منه والنَّاسُ يَنْظُرُونَ)، ووجه الدلالةِ من الحديثِ الشريف أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يصمْ عرفةَ وهو حاجٌّ، وهذا دليل على عدمِ استحبابِ صيامه للحاجِّ.
ما رُوي عن عقبةَ بن عامر- رضي الله عنه- حيث قال: (يومُ عرفةَ ويومُ النَّحرِ وأيَّامُ التَّشريقِ عيدُنا أهلَ الإسلامِ وهي أيَّامُ أكلٍ وشربٍ).
ما رُوي عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- حيث قال: (حَجَجتُ معَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فلم يَصُمهُ، ومعَ أبي بَكْرٍ فلم يَصُمهُ، ومعَ عمرَ فلم يَصُمهُ، ومعَ عُثمانَ فلم يَصُمهُ، وأَنا لا أصومُهُ، ولا آمُرُ بِهِ، ولا أَنهى عنهُ).
أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صيامِ يومِ عرفةَ للحاجِّ؛ وذلك لئلا يضعفه الصيامُ عن القيامِ بشعائرِ اللهِ في ذلك اليومِ، وقد جاء ذلك في حديثٍ ضعفه بعضُ أهلِ العلمِ، ووثقه آخرون.

رأي الحنفية

ذهب فقهاء الحنفيةِ إلى استحبابِ صيامِ يومِ عرفةَ للحاجِّ، إن كان الصيامُ لا يؤثر على أدائه لشعائرِ الله في هذا اليومِ، ولا يُتعبه، أمَّا إن أتعبه الصيامُ فلا فيُكره الصيامُ في حقِّه، والله تعالى أعلى وأعلم، وإلى ذلك ذهب الشافعي في مذهبه القديم، وقد استدلَّ أصحاب هذا القولِ بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (صيامُ يومِ عَرفةَ إنّي أحْتسبُ على اللهِ أن يُكفّرَ السنَةَ التي بعدهُ ، والسنةَ التي قبلهُ).

حكم صيام يوم عرفة لغير الحاج

يعدُّ صيامُ يومِ عرفةَ لغيرِ الحاجِّ سنةٌ مؤكدةٌ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويظهرُ ذلك جليًا من خلالِ الحديث الذي أخرجه الترمذي في سننه، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي -رضي الله عنه- أنَّه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (صيامُ يومِ عَرفةَ إنّي أحْتسبُ على اللهِ أن يُكفّرَ السنَةَ التي بعدهُ ، والسنةَ التي قبلهُ).