معلومات اونلاين
مقالات مشابهة
لماذا سميت سرية ذات السلاسل بهذا الاسم
سميت سرية ذات السلاسل بهذا الاسم لأن المشركين خافوا خوفًا شديدًا من قوة وشدة بأس المسلمين حينها، فارتبط بعضهم ببعض لخوفهم من الهلاك القادم إليهم ومن قلة ثقتهم ببعض فبعضهم ظن أن الآخرين فارين لا محالة من المسلمين، كما قيل إنها سميت بهذا الاسم لأنها أرسلت إلى أرض قبيلة قضاعة والتي فيها ماء في أرض جذام كان يدعى السلسل، وفي ذلك قال ابن حجر العسقلاني: «قيل سميت ذات السلاسل؛ لأن المشركين ارتبط بعضهم إلى بعض مخافة أن يفروا، وقيل لأن بها ماء يقال له السلسل»، بينما قال السهيلي وهو أحد فقهاء المسلمين بأن ذات السلاسل تلفظ بضم السين الأولى وبكسر السين الثانية، فذات السُلاسِل هي ماء موجودة في أرض جذام، وسميت السرية كذلك لأن سرية المسلمين خرجت لملاقاة بني قضاعة في منطقة ذات السلاسل تلك المنطقة كما وقعت هنالك المعركة.
مقدمات وأسباب إطلاق سرية ذات السلاسل
في تلك الفترة الزمنية أرسل النبي الحارث بن عمير الأسدي رضي الله عنه إلى عظيم بصرى لكنه قتل من قبل شُرَحبيل بن عمرو الغساني، فأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- جيشًا إلى مؤتة ليقاتلهم بقيادة ثلاثة من الأمراء هم زيد وجعفر وعبد الله بن رواحة، وقد عاد الجيش بنصر عظيم وصلت أصداؤه لكافة بقاع الأرض ونواحيها، وفي تلك الفترة الزمنية ذاتها وبالتزامن مع قتل سفير النبي -عليه السلام-، قامت قبيلة قضاعة بالاعتداء على أصحاب الرسول، وكانوا خمسة عشر رجلًا، وقتلوهم جميعًا إلا واحد منهم عاد للنبي في المدينة المنورة، وروى له ما حدث معهم، فقرر النبي أن يرسل بني قضاعة لكي لا تكون تلك الحادثة سبيلًا لاهتزاز صورة دولة الإسلام.
الإعداد لإطلاق سرية ذات السلاسل
في جمادى الأولى أرسل النبي سرية إلى مؤتة لقتالها، وبعد عودة السرية بنصر عظيم، أرسل النبي سرية ذات السلاسل في جمادى الثانية في العام الثامن للهجرة، وقد اختبار النبي لقيادة هذه السرية العظيمة التي ستقاتل واحدة من أكبر القبائل قبيلة قضاعة في منطقة ذات السلاسل عمرو بن العاص رضي الله، على الرغم من أنه كان قد أسلم في صفر لنفس العام، وقد كانت تلك القبيلة من أشد القبائل وأكثرها قوة وكانت تقطن في منطقة شمال شبه الجزيرة العربية على بعد عن المدينة المنورة، وكانت لها قوة عظيمة وشأن كبير، وتمتلك من الإمدادات العظيمة الكثير.
لماذا اختار النبي عمرو بن العاص لقيادة سرية ذات السلاسل
كان عمرو بن العاص مسلمًا، لكن إسلامه لم يمر عليه سوى عدة أشهر، ومع ذلك فقد اختاره النبي ليكون قائدًا لسرية عظيمة، وقد كان السبب في ذلك هو أن النبي أراد من ذلك عدة أمور نذكر منها:
- أن عمرو بن العاص قائدًا عظيمًا من قادة مكة فأراد النبي أن يضمه إلى صف المسلمين ويجعل منه قائدًا عظيمًا بما يحقق المصلحة لدولة الإسلام.
- أن عمرو بن العاص كان رجلًا يبلغ السابعة والخمسين من عمره عند إسلامه فأراد النبي أن يحفظ له شأنه العظيم الذي كان له قبل إسلامه في مكة المكرمة بين قبائل قريش.
- أن عمرو بن العاص كانت والدته من قبيلة قضاعة فإن قبيلة قضاعة لن تحاربه بنفس القسوة لو كان غيره قائدًا وقد تجنح للسلم حين ترى أحد من فروعها مسلمًا وذلك لأن النبي كان يرغب في السلام والتسامح ويكره القتال إلا لحاجة ماسة.
- أن عمرو بن العاص كان عارفًا بتلك القبيلة وبموقعها وبحدودها الجغرافية وكيفية السير إليها.
وقد أوكل النبي لعمرو بن لعاص مهمة قيادة السرية العظيمة تلك، ويقول عمرو -كما جاء في رواية ابن حبان والحاكم وأحمد، وهي صحيحة-: فأتيته وهو يتوضأ صلى الله عليه وسلم، فصعَّد فيَّ النظر، ثم طأطأ فقال “إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَكَ عَلَى جَيْشٍ، فَيُسَلِّمُكَ اللَّهُ وَيُغَنِّمُكَ، وَأَرْغَبُ لَكَ مِنَ الْمَالِ رَغْبَةً صَالِحَةً”، فأجاب عمرو بن العاص بأنه لم يسلم بغرض المال لكنه أسلم لأن الله شرح صدره للدين، ومع ذلك فقد أصر النبي عليه ليقوم بقيادتها وقال الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد قال: “يَا عَمْرُو، نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ”، وشهد النبي بأن عمرو بن العاص واحدًا من رجال المسلمين العظماء الذين لهم درجة عظيمة في الإسلام.
أحداث المعركة ذات السلاسل
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بقيادة عمرو بن العاص على رأس ثلاثمائة من الرجال المهاجرين الأنصار، وأرسلهم لتلك القبيلة، ولكن عمرو بن العاص أبدى في تلك الحرب براعة قتالة فذة وحكمة وذكاء ودهاء لم يسبق له مثيل، وقد أرسل للنبي ليمده بسرية لان جيش قضاعة كان كبيرة فأرسل له النبي جيشًا بقيادة عبيدة بن الجراح ومعه عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق رضي الله عنهم، وقد انتصر المسلمون في تلك الحرب على المشركين وكان لهم نصرًا عظيمًا ومن حكمة عمرو بن العاص الوجوه التالية:
- لم يسمح للمسلمين بإيقاد نار في الليل لكيلا يعلم الأعداد عددهم.
- لم يسر بالمسلمين إلا ليلًا لكيلا يتبعهم أحد ويخبر عن مكانهم، كما أن المسير نهارًا كان شاقًا لهم لأن الجو حار ويمكن أن يسبب ذلك بإضعاف قوة المسلمين قبل الوصول للمعركة وإنهاك قواهم.
- لم يسمح للمسلمين اللحاق بالمشركين يعد فرارهم لكيلا يكون لهم من يمدهم بالعون في حربهم وينصرهم على المسلمين.
نتائج معركة ذات السلاسل
كان من نتائج تلك المعركة أن الدولة الإسلامية كان لها هيبة عظيمة وقوة وسلطة على العديد من مناطق شبه الجزيرة العربية على الرغم من أنها كانت من السرايا الصغيرة مقارنة بالعدو، فقد استعادت الدولة الإسلامية هيبتها على القبائل التي نصرت الروم، كما ساهمت تلك الغزوة بإسلام العديد من القبائل ومنها قبائل وأهالي بني مرة، وبني ذبيان، وقبيلة فزارة وسيدها عيينة بن حصن، ثم تبعها بالإسلام بنو سُلَيم، وكان من بينهم العباس بن مرداس، وبنو أشجع، وبعد تلك المعركة أصبحت الدولة الإسلامية من أقوى الدول الموجودة في شمال شبه الجزيرة العربية.
